300-208 1Z0-146 70-485 Microsoft 70-410 dumps 70-643
العقيدة والحياة
 
 
 
فهرس مكتبة المشير
 
أرشيف الدروس والدورات العلمية
 
 

 


     
دعــــوة المرســـلين  »  الأذى الفعلي الذي واجهه نوح عليه الصلاة والسلام

(الأذى الفعلي الذي واجهه نوح عليه الصلاة والسلام)
 * بقلم/ يوسف بن إبراهيم الزين
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على النبي الأمين وآله وصحبه أجمعين.. أما بعد:
فقد سبق الحديث في الحلقة الماضية عن الأذى القولي الذي واجهه نوح عليه السلام، وموضوعنا في هذه الحلقة عن الأذى الفعلي الذي لحق به عليه السلام، حيث:
قال تعالى: (قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلاً وَنَهَاراً فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَاراً وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً) [نوح : 7].
يقول سيد قطب رحمه الله: " فإذا لم يستطيعوا الفرار لأن الداعي واجههم مواجهة، وتحين الفرصة ليصل إلى أسماعهم بدعوته، كرهوا أن يصل صوته إلى أسماعهم، وكرهوا أن تقع عليه أنظارهم وأصروا على الضلال ، واستكبروا عن الاستجابة لصوت الهدى والحق (وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً)، وهي صورة لإصرار الداعية على الدعوة، وتحين كل فرصة ليبلغهم إياها، وإصرارهم هم على الضلال ، ونبرز من ثناياها ملامح الطفولة البشرية العنيدة، تبرز في وضع الأصابع في الآذان ، وستر الرؤوس والوجوه بالثياب، والتعبير يرسم بكلماته صورة العناد الطفولي الكامل وهو يقول : إنهم (جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ) وىذانهم لا تسع أصابعهم كاملة، إنما هم يسدونها بأطراف الأصابع ، ولكنهم يسدونها في عنف بالغ، كأنما يحاولون أن يجعلوا أصابعهم كلها في آذانهم لعدم تسرب الصوت إليها بتاتاً، وهي صورة غليظة للإصرار والعناد" [1] .
الطرد كما قال تعالى في سورة القمر: (وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ) [القمر : 9]، ومعنى قوله تعالى:
 ( وازدجر): أي: طرد، واستعمال الزجر فيه لصياحهم بالمطرود، نحو أن يقال: اغرب وتنحَ وراءك قاله الراغب. [2]. وقال ابن كثير رحمه الله : " أي انتهروه وزجروه وأوعدوه (قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ) [الشعراء : 116] قاله ابن زيد، وهذا متوجه حسن" [3].
وهذا كما تلاحظ أخي القارئ يشتمل على نوعين من الأذى : ففيه الأذى الفعلي ، وفي الأذى القولي، وقد أصر القوم على مفرهم وإعراضهم مع كل ما بذله نوح عليه السلام ، قال تعالى: (قَالَ نُوحٌ رَّبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَن لَّمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَاراً وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّاً وَلَا سُوَاعاً وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالاً) [نوح : 24].
لاحظ بعد كل كل ما بذله نوح عليه السلام من الدعوة ليلاً ونهاراً ، سراً وجهاراً ، ومن الترغيب بالإمداد بالأموال والبنين والجنان والأنهار، والتذكير بنعم الله عليهم يعرضون ويستكبرون ويدعون إلى التمسك بتلك الأصنام والتي بقيت إلى عهد نبينا محمد عليه الصلاة والسلام كما في أثر ابن عباس رضي الله عنهما : "... صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح في العرب بعد" [4].، واتعبوا أصحاب الأموال والأولاد الذين لم تزدهم أموالهم وأولادهم شكر الله عليهما بل العكس زادتهم خسارا، والعياذ بالله [5]، وهذا الإصرار والعناد والإعراض يكون حتى في يوم القيامة فقد روى البخاري من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( يدعى نوح يوم القيامة فيقول : لبيك وسعديك يارب، فيقول: هل بلغت؟ فيقول : نعم ، فيقال: لأمته: هل بلغكم؟ فيقولون: ما أتانا من نذير، فيقول: من يشهد لك؟ فيقول : محمد وأمته، فيشهدون أنه قد بلّغ ، ، ويكون الرسول عليهم شهيداً، فذلك قوله جل ذكره: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) [البقرة : 143]، والوسط: العدل [6].
أخي القارئ: ومع كل هذا الإعراض وجميع الوسائل التي استخدمها القوم فلم يثن ذلك نوحلً عليه السلام عن دعوته لقومه إلى التوحيد والإيمان ، وظل يدعو قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً غير يائس ولا متثبط ، فجزاه الله خي رالجزاء وجمعنا به في الفردوس الأعلى مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً، والحمد لله رب العالمين.
 
*/ مركز الدعوة والإرشاد - عنيزة
10/4/1428

[1] في ظلال القرآن6/3721.
[2] مفردات الراغب 378 مادة زجر.
[3] تفسير القرآن العظيم سورة القمر:7/3353.
[4] البخاي كتاب التفسير 4920.
[5] التعليق مستفاد من تفسير القرآن العظيم وفي ظلال القرآن والصياغة من الكاتب.
[6] رواه البخاري، التفسير سورة البقرة 4487 والفكرة مستفادة من كتاب: نظرات في أحسن القصص د.محمد السيد الوكيل1/80.

الدروس والدورات العلمية
المـكــتـبـة المــرئـيـة
ســــلم الاعـتـقـــــاد
واحـــــة العقيــــــدة
أسمـاء الله الحسنى
مـن عـقـائـد السـلـف
العقيـــــدة والقـــرآن
العقيــــــدة والســنة
دعــــوة المرســـلين
أهـــــــل العقيـــــدة
مــــلل وفــــــــــــرق
بـحـــوث ودراســــات
ديــــوان العقيـــــــدة
فيــــض العقيـــــــدة
مصطلحـات عقــــدية
أخــــطاء عقــــــديـة
آفــــاق العقيـــــــدة
أخــــوات العقيــــدة
مــلــفـــــات دعــوية
فــلاشــــات دعــوية
 
 
البحث في نطاق الموقع
«القائمة البريدية»
 
«دخول المشرفين»
اسم المرور:
كلمة المرور:
 
 free counters
 
 جميع الحقوق محفوظة لموقع العقيدة والحياة 1432 هـ - 2011 م www.al-aqidah.com