300-208 1Z0-146 70-485 Microsoft 70-410 dumps 70-643
العقيدة والحياة
 
 
 
فهرس مكتبة المشير
 
أرشيف الدروس والدورات العلمية
 
 

 


     
أسمـاء الله الحسنى  »  الله جل جلاله (1)

  (الله)

بقلم / ماجد بن أحمد الصغير
كلية الشريعة وأصول الدين  - جامعة القصيم - الدراسات العليا
12/2/1428

 الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له ، أحاط بكل شيء علماً ، وأحصى كل شيء عدداً ، وهو على كل شيء قدير .

 له الحمد كله ، لامانع لما أعطى ، ولا معطي لما منع ، ولا باسط لما قبض ،  ولا قابض لما بسط  ، ولا هادي لمن أضل ،  ولا مضل لمن هدى ،  ولاينفع ذا الجد منه الجد .

 والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد ، وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين . أمابعد .

 ففي هذه الحلقة نتحدث اسم عظيم من أسماء الله الحسنى ، وهو اسم ( الله ) جل جلاله وعز شأنه ، فإنه سبحانه أحق من عبد  ، وأحق من ذكر ، وأجود من سئل ، وأوسع من أعطى  .

  والله تعالى  هو المعبود بحقٍّ الذي تقصده كل الكائنات ، وتعنو لجلال هيبته كل المخلوقات ، فإذا خاف الإنسان التجأ إلى الله مولاه ، وإذا افتقر اتجه إلى الله جل في علاه ؛ وذلك أنَّ القلوب مفطورة على التوجه إليه ، لكنَّها في حالات الرخاء يعلوها الران ، فإذا نزلت بها نوازل القضاء اتجهت إلى الله وتركت كل ماسواه .

  سأل رجلٌ الإمام جعفر الصادق رحمه الله  ، فقال له : يا إمام من هو الله ؟ !

فقال له: ألم تركب البحر ؟ قال : بلى .قال : هل حدث مرة أن هاجت الريح عاصفة ؟قال : نعم . قال : وانقطع أملك من الملاحين ووسائل النجاة ؟قال : نعم . قال :فهل خطر في بالك وانقدح في نفسك أن هناك من يستطيع أن ينجيك إن شاء ؟ قال : نعم . قال : ذلك هو الله !.

  ومصداق ذلك في كلام الله عز وجل ( وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ فَلَمَّا نَجَّاكُمْ إِلَى الْبَرِّ أَعْرَضْتُمْ وَكَانَ الْأِنْسَانُ كَفُوراً ) [الإسراء : 67] .

  إنَّ الإنسان في ذلك الموقف ينسى كل أحدٍ ، ويغفل عن كل شيء ، ولا يجد في قرارة نفسه إلاَّ أن هناك إلهاً عظيماً قادراً على أنْ ينَّجيه إذا شاء .

  إنّه الله - سبحانه - الذي لا يخيب معه رجاء ، ولا يضيع عنده سعي ، ولا يرد عن بابه واقف ، عزُ كل ذليل ، و قوةُ كل ضعيف ، و مفزعُ كل ملهوف ، من تكلم سمع نطقه ، ومن سكت علم سره  ، ومن عاش فعليه رزقه  ، ومن مات فإليه منقلبه . لا إلـه إلا هو الرحمن الرحيم .

  والألوهية : هي التوجه إلى الله سبحانه وتعالى وحده بالرغبة والرهبة ، والخوف والرجاء ، والحب . وقد جعلها الله حكمة خلق الجنِّ والإنِّس ، فالله سبحانه وتعالى خلق الخلق ليعبدوه وحده ، وهو - سبحانه -يذكر في كتابه الكريم : أنه لم يخلق الإنِّس والجنَّ إلاَّ لذلك ( وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ) [الذاريات : 56-58] .

  وكلمة ( لا إله إلاَّ الله )  اشتملت هذا الاسم الكريم ، على اسم ( الله سبحانه وتعالى ) وتضمنت حكمة الخلق وهذه الكلمة لعظم ما تضمنته من اسمه سبحانه وما اشتملت عليه من معانٍ ، إذا وزنت لا يثقلها شيء ، وإذا  فقدت فلا يقوم مقامها شيء . فقد ورد في حديث البطاقة عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال : قال رسول صلى الله عليه وسلم : " إنِّ الله سيخَّلصُ رجلاً من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة ، فينشر عليه تسعة وتسعين سجلاً كل سجل مثل مد البصر ، ثم يقول أتنكر من هذا شيئا أظلمك كتبتي الحافظون ؟  فيقول :  لا يا رب . فيقول : أفلك عذر؟  فيقول : لا يا رب . فيقول  : بلى إنَّ لك عندنا حسنة فإنَّه لا ظلم عليك اليوم ، فتخرج بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله فيقول: احضر وزنك . فيقول :يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات . فقال : إنك لا تظلم قال فتوضع السجلات في كفه والبطاقة في كفه فطاشت السجلات وثقلت البطاقة فلا يثقل مع اسم الله شيء ".[1] .

وعن أبي سعيد الخدري  رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم  قال: "  قال موسى : يا رب علمني شيئا أذكرك به وأدعوك به .قال : قل يا موسى لا إله إلا الله.قال : يا رب كل عبادك يقول هذا .قال : قل لا إله إلا الله .قال :إنما أريد شيئا تخصني به .قال : يا موسى لو أنَّ أهل السماوات السبع والأرضين السبع في كفة ولا إله إلا الله في كفة مالت بهم لا إله إلا الله" [2].

 إن المداومة على هذه الكلمة مع يقين القلب لمعانيها ، وتحقق الجوارح بالعمل لما تدل عليه ألفاظها ومبانيها ، يجدد ما اندرس من معالم الإيمان في القلب ، ويكسوه نوراً ، ويملؤه يقيناً ، ويفتح له من الأسرار مايعرفها كل مؤمن موحد ،  ولاينكرها إلا كل جائر ملحد .كيف لا ، وهذه الكلمة هي القطب التي تدور عليه رحى الإسلام ، والأساس الذي تبنى عليه بقية الأعمال، والمفتاح التي يجوز به كل مؤمن موحد إلى الجنة دار السلام .

 آثار الإيمان بهذا الاسم .

1- أنَّ الإيمان بالله سبب السعادة والنعيم ، قال الله جل وعلا : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ) [النحل :97] . فالروح لا تأنس ولا تفرح ، ولا يذهب بهمها وقلقها إلاَّ الإيمان بالله ، وبقدرتحصيله تكون السعادة . فالسعادة سببها الإيمان بالله ، والرضا عنه في مواطن الجزع والكرب ، سعادة أظلت أصحابها بأجنحتها أشبه بسعادة المتقين عند ربهم في جنات النعيم .

 إنَّ الإيمان بالله هو دوحة السلام الخضراء ، التي يفيء إليها الضاحون من نفحات الحياة وزفراتها ؛ ولذا كانت الحياة بدون إيمان هجير محرقة ، أو ظلمة موحشة .

  (إنَّ السعادة هي جنة الأحلام التي ينشدها كل أحد ، وقد طلبها كثيرون ، لكنَّ أكثرهم يطلبونها في غير موضعها ، فيعودون كما يعود طالب اللؤلؤ في الصحراء  ، صفر اليدين ، مجهود البدن ، كسير النفس ، خائب الرجاء . فقد جرب الناس في شتى العصور ، ألوان المتع المادية ، وصنوف الشهوات الحسية ، فما وجدوها تشفي عليلاً ولا تروي غليلاً .

وفي إحدى المجلات نشر تحقيق صحفي منذ سنوات بعنوان : أهل الجنة -  سكان السويد- ليسوا سعداء! .فلماذا لم يكن هؤلاء سعداء مع ما هم فيه من رغد العيش ، وكمال المتع وانتشارها ، وتعددها من كل صنف ، ومن كل لون ؟ لأنهم يعيشون حياةً قلقة ، كلها ضيق وتوتر ، وشكوى وسخط ؛ ولذا يهرب هؤلاء من حياتهم إلى الانتحار . وأمريكا التي هي أغنى بلاد العالم على الرغم مما فيها من ناطحات السحاب ، ومراكب الفضاء ، و ألوان المتع ، لم تستطع أن تحقق لأبنائها السعادة ، حتى قال بعض مفكريها  :

 إنَّ الحياة في نيويورك غطاء جميل لحالة من النعاسة والشقاء !!

 إنَّ كثرة المال ، وكثرة الأولاد ، وكثرة المتع ليست سبباً للسعادة ، وليست العنصر الأول فيها ، بل ربما كانت كثرة المال وبالاً على أصحابه في الدنيا قبل الآخرة ، وهكذا هو حال من جعل الدنيا أكبر همه ، ومبلغ علمه ، ومنتهى أمله دائماً معذب النفس ، متعب القلب ، مثقل الروح ، لا يغنيه قليل ، ولا يشبعه كثير .

 إنَّ السعادة شيء داخل الإنسان ، لا يرى بالعين ، ولا يقاس بالكم ، ولا تحويه الخزائن ، ولا يشترى بالدينار ولا بالدرهم ، السعادة شيء يشعر به الإنسان بين جوانحه ، صفاء في النفس ، واطمئنان في القلب ، وانشراح في الصدر .

وقد ذكروا أن زوجاً غاضباً على زوجته ، قال لها متوعداً : والله لأشُقِينَّك .فقالت الزوجة: إنك لا تستطيع أن تشقيني كما أنك لا تملك أن تسعدني .

 فقال لها : وكيف لا أستطيع ؟

 فقالت: لو كانت السعاة في مال ٍ لقطعته عني ، أو في زينة أو حلي لأخذته مني ، ولكنها في شيءٍ لا تملكه أنت ، ولا الناس أجمعون . فقال لها في دهشة : وما هو ؟ فقالت : إني أجد سعادتي في إيماني ، وإيماني في قلبي ، وقلبي لا سلطان له عليه غير ربي !

  هذه الحياة الحقيقية التي لا يملك بشر أن يعطيها ، ولا يملك أحد أن ينتزعها ممن أوتيها . إنها سعادة الإيمان بالله التي وجدها أحد المؤمنين وصرَّح بها قائلاً :

   إننا نعيش في سعادة لو علم بها الملوك لجالدونا عليها بالسيوف . وقال آخر وهو في قمة السعادة الإيمانية التي ملأت عليه أقطار نفسه : إنه لتمر علي ساعات أقول فيها :

   لو كان أهل الجنة في مثل ما أنا فيه لكانوا في عيش طيب !

وإذاكانت السعادة شجرة منبتها النفس الإنسانية ؛ فإن الإيمان بالله ، والدار الآخرة هو : ماؤها وغذاؤها ، وهواؤها وضياؤها [3] .

  فالإيمـان بالله عز وجل هو باب السعـادة الأعظم . ومفتاح هذا الباب أن تتعرف على الله جل جلاله وتقدست أسماؤه  .

اللهم يامولانا أسعدنا بمعرفتك  ، وشرفنا بطاعتك ، ولاتشقينا بمعصيتك .

اللهم آتنا في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة حسنة ، وقنا عذاب النار.

...      يتبع  في الحلقة القادمة بإذن الله. 

 

[1] رواه الترمذي في جامعه  5/24، رقم ( 2639 ) وقال : هذا حديث حسن غريب . ورواه ابن ماجه في سننه 2/1437، رقم (4300 ) ، وابن حبان 1/46 ، رقم (225)  ، والحاكم 1/41 ، رقم (9 ). والحديث صححه ابن حبان و الحاكم ، وقال الذهبي : هذا على شرط مسلم .

[2] رواه الترمذي 5/ 572 ، رقم (3585 ) ، ورواه ابن حبان في صحيحه 14/102 ، رقم  (18 62) والحديث صحيح  . ينظر : السلسلة الصحيحة : 4/6 ، رقم (1503) .

[3] ينظر : كتاب الإيمان والحياة  ص:83-92 بتصرف واختصار 

 


الدروس والدورات العلمية
المـكــتـبـة المــرئـيـة
ســــلم الاعـتـقـــــاد
واحـــــة العقيــــــدة
أسمـاء الله الحسنى
مـن عـقـائـد السـلـف
العقيـــــدة والقـــرآن
العقيــــــدة والســنة
دعــــوة المرســـلين
أهـــــــل العقيـــــدة
مــــلل وفــــــــــــرق
بـحـــوث ودراســــات
ديــــوان العقيـــــــدة
فيــــض العقيـــــــدة
مصطلحـات عقــــدية
أخــــطاء عقــــــديـة
آفــــاق العقيـــــــدة
أخــــوات العقيــــدة
مــلــفـــــات دعــوية
فــلاشــــات دعــوية
 
 
البحث في نطاق الموقع
«القائمة البريدية»
 
«دخول المشرفين»
اسم المرور:
كلمة المرور:
 
 free counters
 
 جميع الحقوق محفوظة لموقع العقيدة والحياة 1432 هـ - 2011 م www.al-aqidah.com