300-208 1Z0-146 70-485 Microsoft 70-410 dumps 70-643
العقيدة والحياة
 
 
 
فهرس مكتبة المشير
 
أرشيف الدروس والدورات العلمية
 
 

 


     
بـحـــوث ودراســــات  »  مذهب أهل السنة في أسماء الله الحسنى

مذهب أهل السنة في أسماء الله الحسنى

بقلم : تميم بن عبد العزيز القاضي
اتفق أهل السنة والجماعة على إثبات جميع أسماء الله تعالى الثابتة في القرآن وصحيح السنة، مع إثبات ما تضمنته تلك الأسماء من صفات الكمال على الوجه اللائق بذي العزة والجلال، وإثبات ما يتعلق بهذه الأسماء والصفات من أحكام ومقتضيات، وهذا الإثبات مما تواتر نقله عن أئمة أهل السنة سلفاً وخلفاً.
قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: «لله تعالى أسماء و صفات جاء بها كتابه، و أخبر بها نبيه ‘ أمته، لا يسع أحدا من خلق الله قامت عليه الحجة ردها، لأن القرآن نزل بها، و صح عن رسول الله ‘ القول بها فيما روى عنه العدول، فإن خالف ذلك بعد ثبوت الحجة عليه فهو كافر، أما قبل ثبوت الحجة عليه فمعذور بالجهل، لأن علم ذلك لا يدرك بالعقل ولا بالرؤية و الفكر،و لا يكفر بالجهل بها أحد إلا بعد انتهاء الخبر إليه بها، و تثبت هذه الصفات، و ينفي عنها التشبيه كما نفى التشبيه عن نفسه، تعالى فقال سبحانه {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}»[1].
قال الإمام الصابوني في اعتقاد أئمة الحديث:«ويعتقدون أن الله تعالى مدعو بأسمائه الحسنى وموصوف بصفاته التي سمى ووصف بها نفسه، ووصفه بها نبيه ... لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء ولا يوصف بما فيه نقص أو عيب أو آفة فإنه عز وجل تعالى عن ذلك »[2].
وأقوالهم في ذلك كثيرة مشهورة.
وأما أدلتهم فهي ما جاء في الكتاب و صح في السنة من إضافة الأسماء الله، ومن تعداد تلك الأسماء، من مثل قوله تعالى:
{وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (180)} [سورة الأعراف 7/180]
{قُلِ ادْعُواْ اللَّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى } [سورة الإسراء 17/110]
{اللَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى (8)} [سورة طـه 20/8]
{هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24)} [سورة الحشر 59/24].
و عن أبي هريرة _ قال: قال رسول الله ‘: ((إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة وهو وتر يحب الوتر))[3].
ويمكن أن نجمل عقيدة السلف وما تميزوا به عن مخالفيهم في ما يتعلق بهذه الأسماء، في النقاط التالية [4] :-
1-الإقرار بكل ما جاء في الكتاب وصح في السنة من أسماء الله الحسنى، وبذلك يتميز مذهبهم عن مذهب مخالفيهم من عدة جهات:
أ- التوقف على ما جاء في القرآن وصح في السنة من الأسماء، دون زيادة ولا نقصان، ودون الخوض في إثبات الأسماء بمجرد العقل، وهو معنى قولهم: إن أسماء الله توقيفية، ذلك أن أسماء الله -كسائر أمور الاعتقاد- هي من قبيل الأخبار، والأخبارُ لا تثبت إلا بالنصوص، وعلى هذا فلا يجوز أن يشتق لله أسماء، سواء كان ذلك من الأفعال الثابتة لله، أو من الصفات الثابتة له سبحانه، إلا إذا ورد نص على ذلك في الكتاب أو السنة.
قال الإمام عبد العزيز بن الماجشون ضمن كلام له عن الراسخين في العلم:«الواصفون لربهم بما وصف من نفسه، التاركون لما ترك من ذكرها، لا ينكرون صفة ما سمَّى منها جحداً، ولا يتكلفون وصفه بما لم يسمِّ تعمقا؛ لأن الحق ترك ما ترك، وتسمية ما سمى»[5] .
وقد وافق أهلَ السنة كثيرٌ من المتكلمين على قولهم بأن أسماء الله توقيفية[6]، وهم بذلك يتميزون عن طائفتين:
الطائفة الأولى: نفاة الأسماء الحسنى، من الجهمية والفلاسفة ومن شاكلهم ممن سيأتي بيان بدعتهم.
الطائفة الثانية:من أثبت لله أسماء بمجرد العقل، دون ورود السمع بها، كبعض المعتزلة، والكرامية، والباقلاني من الأشعرية، حيث قالوا بجواز القياس فيها، وأن العقل إذا دل على أن معنى اللفظ ثابتٌ في حق الله جاز إطلاقه على الله ولو لم يرد بذلك النص[7].
بل إن أهل السنة جعلوا من الإلحاد في أسماء الله أن يُسَمى الله بما لم يرد في الكتاب أو صحيح السنة [8]، كتسمية النصارى له: الأب، وتسمية الفلاسفة له: العلة الفاعلة [9].
ب- الإقرار بكل ما ورد في صحيح السنة من الأسماء، سواء تواتر الحديث في ذلك أم لم يتواتر.
وبهذا فإن ما سيأتي بيانه من مذهب المعتزلة ونحوهم من إقرارهم بالأسماء دون الصفات لا يعني أنهم يقرون بكل ما يقر به أهل السنة من الأسماء الحسنى، ذلك أن من طريقتهم عدم الأخذ بأحاديث الآحاد في أمور الاعتقاد، بخلاف ما سار عليه أهل السنة من الأخذ بما صح منها، وليس هذا محل بسط هذه المسألة، وسيأتي بيان قول المعتزلة في ذلك عند تفصيل مذهبهم.
ج-وبالمقابل فإنهم-أي أهل السنة- لا يأخذون بالأسماء التي لم ترد إلا في الأحاديث والأخبار الضعيفة، وبذلك يتميز منهجهم عمن أثبت أسماء لم ترد إلا في أحاديث بينة الضعف، كما تجد ذلك عند بعض شراح الأسماء الحسنى.
2-كما يقر أهل السنة أن الله تعالى لم يزل ولا يزال متسمياً بتلك الأسماء، ومتصفاً بما دلت عليه من صفات الكمال، وأن الله هو الذي سمى بها نفسه، فالله سبحانه هو الذي تكلم بهذه الأسماء، وسمى بها نفسه، وهذا ما يعنيه أهل السنة بقولهم: إن الأسماء أزلية لله.
قال البخاري في صحيحه: عن سعيد بن جبير قال: قال رجل لابن عباس: إني أجد في القرآن أشياء تختلف علي ؟[فذكر مسائل أجاب عنها ابن عباس، ثم قال ابن عباس:] {وكان الله غفورا رحيما } سمى نفسه بذلك، وذلك قوله، أي لم يزل كذلك، فإن الله لم يرد شيئا إلا أصاب به الذي أراد، فلا يختلف عليك القرآن فإن كلاً من عند الله. [10].
وقال الإمام عثمان بن سعيد الدارمي:«واسمه تبارك وتعالى اسمه كأسمائه سواء، لم يزل كذلك ولا يزال، لم تحدث له صفة ولا اسم لم يكن كذلك قبل الخلق....وقال: إن لحدوث الخلق حدّاً ووقتاً، وليس لأزلية الله حد ولا وقت، لم يزل ولا يزال، وكذلك أسماؤه لم تزل ولا تزال»[11].
وبهذا يتميز مذهبهم عن مذهب المعتزلة ومن شاكلهم ممن ذهب إلى أن أسماء الله مخلوقة، وأن الله كان ولا اسم له، حتى خلق لنفسه أسماء، أو سَّماه خلقه بأسماء، تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً، وسيأتي مزيد بيان لقولهم.
3-ومع إقرار السلف بجميع الأسماء، فإنهم يقرون بجميع ما تضمنته تلك الأسماء من صفات كمال ونعوت جلال وجمال، فأسماء الله تعالى أعلامٌ وأوصافٌ، أعلامٌ باعتبار دلالتها على الذات، وأوصافٌ باعتبار دلالتها على الصفات فـ«أسماء الرب تبارك وتعالى دالة على صفات كماله فهي مشتقة من الصفات فهي أسماء وهي أوصاف وبذلك كانت حسنى إذ لو كانت ألفاظاً لا معاني فيها لم تكن حسنى، ولا كانت دالة على مدح ولا كمال»[12].
و «دلالة أسماء الله تعالى حق على حقيقتها مطابقةً، وتضمناً، والتزاماً، فدلالة اسمه تعالى :(الرحمن) على ذاته عز وجل مطابقة، وعلى صفة الرحمة تضمناً، وعلى الحياة وغيرها التزاماً، وهكذا سائر أسمائه تبارك وتعالى»[13].
وبهذا يتميز مذهب السلف عن سائر أهل البدع، سواء من أقر بالأسماء وأنكر بعض الصفات، أو من أنكر كل الصفات ممن رأى أن أسماء الله جامدة لا تحمل أي معنى، ولا تتضمن أي صفة، وزعم أنه -تعالى-عليم بلا علم، قدير بلا قدرة، سميع بلا سمع، كما يذهب إليه المعتزلة ومن نحا نحوهم.
4-وبهذا يعلم أنه ليس من أسماء الله اسم جامد لا معنى له، بل كل اسم من الأسماء الحسنى يدل على الذات وعلى ما تضمنه ذلك الاسم من صفة، وهذا معنى قول العلماء: إنها مشتقة، بمعنى أنها دالة على صفة له تعالى، وأنها ملاقية لمصادرها في اللفظ والمعنى، ولم يريدوا بذلك أنها متولدة منها تولد الفرع من أصله كما توهمه من نفى الاشتقاق، ولذلك كان القول الصواب أن اسم (الله) مشتق كسائر الأسماء، وليس جامداً كما ذهب إليه البعض[14].
5-أسماء الله ليست بمنحصرة في تسع وتسعين، بل ولا فيما استخرجه العلماء من القرآن والسنة، بل ولا فيما علمته الرسل والملائكة وجميع المخلوقين، إنما الذي يختص بالتسع والتسعين هو الحكم المذكور في الحديث((من أحصاها دخل الجنة))، وهذا القول قد نقل عليه النووي الاتفاق، وذكر شيخ الإسلام أنه قول جمهور العلماء، وعليه مضى سلف الأمة وأئمتها، ولم يخالف فيه إلا بعض المتأخرين [15].





[1] أخرجه ابن أبي حاتم في (آداب الشافعي) عن يونس بن عبد الأعلى كما في: إثبات صفة العلو، لابن قدامة المقدسي(124)، وأورده ابن قدامة في: ذم التأويل (23)، وابن القيم في: اجتماع الجيوش الإسلامية(59)، وأورد الذهبي في: العلو (166) الجملة الأولى منه، إلى قوله(ردها)، وانظر: معارج القبول(1/365).
[2] اعتقاد أئمة الحديث49-51، وانظر على سبيل المثال لا الحصر: الغنية عن الكلام وأهله (1/73 )
[3] أخرجه البخاري (ج5/ص2354) ح(6047)، ومسلم(ج4/ص2062) ح(2677).
[4] لم أقصد هنا ذكر جميع ما يتعلق بالأسماء الحسنى من المباحث، فلبسط القول فيها مقام آخر، إنما قصدت البيان لبعض القواعد الأساسية التي يتميز بها مذهب أهل السنة عن مخالفيهم من الجهمية والمعتزلة والأشاعرة
[5] هذا الأثر أورده شيخ الإسلام في الفتوى الحموية الكبرى(310-321)، والتسعينيه(2/418) مطولاً، وقد ذكر شيخ الإسلام -في المرجعين السابقين-أن هذا الأثر قد رواه بالإسناد أبو بكر الأثرم في السنة، وأبو عمر الطلمنكي، وأبو عبد الله ابن بطة في الإبانه، وقد أخرج اللالكائي أصله كما في(3/557) رقم(783)، وكذلك الذهبي كما في: سير أعلام النبلاء(7/311-312)، والعلو للعلي العظيم(2/965-967)، وقد حكم بصحته شيخ الإسلام كما في الحموية(310)، والذهبي كما في: العلو للعلي العظيم(2/965).
وحول قول أهل السنة في التوقيف في باب الأسماء الحسنى، انظر: شأن الدعاء للخطابي(111، 112)، المحلى لابن حزم(1/29)، تفسير البغوي(3/307)، مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام(6/142) (9/300-301)، درء تعارض العقل والنقل(1/297، 298)، بدائع الفوائد(170)، الجواب الكافي(100)، فتح الباري(11/217، 223)، القواعد المثلى للشيخ العثيمين(34، 71).
[6] انظر: مقالات أبي الحسن الأشعري لابن فورك(42)، الفرق بين الفرق لعبد القاهر البغدادي(326)، شرح الأسماء الحسنى للرازي(40)، معنى لا إله إلا الله للزركشي(142)، ، كما أفرد بعض العلماء رسالة في بيان التوقيف في الأسماء، وهو أحمد بن سليمان بن كمال باشا الرومي الحنفي، ورسالته بعنوان: (رسالة في بيان أن أسماء الله توقيفية)، وهي مخطوطة في الجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية.
[7] انظر:مقالات الاسلاميين للأشعري(525)، الفرق بين الفرق لعبد القاهر البغدادي(145، 168، 326)، المقصد الأسنى للغزالي(173)، شرح الأسماء الحسنى للرازي(40)، معنى لا إله إلا الله للزركشي(141)، فتح الباري لابن حجر(11/223)، شرح المقاصد للتفتازاني(3/256)، مخطوطة(رسالة في بيان أن أسماء الله توقيفية)لابن كمال باشا(ورقة1)، لوامع الأنوار البهية(1/124).
[8] انظر:معالم التنزيل للبغوي(3/307)، المحلى لابن حزم(1/29)، شأن الدعاء للخطابي(111-113)، مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام(6/199)، بدائع الفوائد(1/177)، مدارج السالكين(1/30)، شرح القصيدة النونية لابن عيسى (2/251-256)، فتح الباري لابن حجر(11/221)، لوامع الأنوار البهية(1/124)، القواعد المثلى للشيخ العثيمين(49).
[9] انظر: رسالة: مطالع الشموس في معرفة النفوس، للداعي: شهاب الدين أبي فراس(ص35)، ضمن مجموع بعنوان:أربع رسائل إسماعيلية، ت:عارف تامر، و: الفصول في المعالم الإلهية، لأبي الحسن العامري(347-350).
[10] صحيح البخاري(4/1814)، حديث(4537)، وانظر فتح الباري(8/558-559)
[11] نقض الدارمي على المريسي(1/160-163)، مقدمة أبي زيد القيرواني(6)، وانظر في بيان أزلية أسماء الباري تعالى: بدائع الفوائد(1/277).
[12] مدارج السالكين لابن القيم(1/28)، وانظر: مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام(6/143)، بيان تلبيس الجهمية له(2/10)، جلاء الأفهام لابن القيم(172)، بدائع الفوائد (1/171)، مدارج السالكين (1/125)، شفاء العليل (270)، الصواعق المرسلة(3/938)، القواعد المثلى(21)
[13] معارج القبول(1/119)، وانظر: بدائع الفوائد(1/170)، القواعد المثلى(24، 30).
[14] انظر في بيان اشتقاق أسماء الله: بدائع الفوائد(1/26-27، 170)، شفاء العليل(277)، مدارج السالكين (1/28)، معنى لا إله إلا الله للزركشي(106-110)
[15] انظر:شرح النووي على مسلم(17/5)، المقصد الأسنى للغزالي(166)، مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام(6/381)، (22/482) وقد بين فيه أدلة قول الجمهور فيه، و درء تعارض العقل والنقل(3/332)، بدائع الفوائد(1/174)، تفسير ابن كثير(2/357)، فتح الباري لابن حجر(11/220)، تلخيص الحبير لابن حجر(4/174)، معارج القبول(1/117)، القواعد المثلى(35).

الدروس والدورات العلمية
المـكــتـبـة المــرئـيـة
ســــلم الاعـتـقـــــاد
واحـــــة العقيــــــدة
أسمـاء الله الحسنى
مـن عـقـائـد السـلـف
العقيـــــدة والقـــرآن
العقيــــــدة والســنة
دعــــوة المرســـلين
أهـــــــل العقيـــــدة
مــــلل وفــــــــــــرق
بـحـــوث ودراســــات
ديــــوان العقيـــــــدة
فيــــض العقيـــــــدة
مصطلحـات عقــــدية
أخــــطاء عقــــــديـة
آفــــاق العقيـــــــدة
أخــــوات العقيــــدة
مــلــفـــــات دعــوية
فــلاشــــات دعــوية
 
 
البحث في نطاق الموقع
«القائمة البريدية»
 
«دخول المشرفين»
اسم المرور:
كلمة المرور:
 
 free counters
 
 جميع الحقوق محفوظة لموقع العقيدة والحياة 1432 هـ - 2011 م www.al-aqidah.com