300-208 1Z0-146 70-485 Microsoft 70-410 dumps 70-643
العقيدة والحياة
 
 
 
فهرس مكتبة المشير
 
أرشيف الدروس والدورات العلمية
 
 

 


     
بـحـــوث ودراســــات  »  حكم سؤال المقبور الشفاعة (3)

 

حكم سؤال المقبور الشفاعة(3)
بقلم / سالم بن سعيد المقبالي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد:
فهذا القسم الثالث من البحث وهو الأخير وهو تتمة للمقالات السابقة.
( الفصل الثالث )
( الإجابة عما استدل به من قال بأن هذه الصورة بدعة فقط )
لم يذكر أحد ممن قال بأن سؤال الميت بحضرة قبره بدعة – على ما وقفت عليه – دليلاً يصح أن يعتمد عليه في إخراج هذه الصورة من الشرك الأكبر ، بل أكثرهم يذكرون المسألة من دون تدليل عليها ، والظاهر من حالهم – والله أعلم – أنهم اعتمدوا على ما فهموه من كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ، وقد سبق بيان حقيقة قوله ، إضافة إلى ذكر بعضهم لشيئ من الأدلة عنده وهي كالتالي :
( الدليل الأول )
( طلب الدعاء من الآخرين ليس خاصاً بالله ، فلذا يجوز طلبه من الحي ، ولو كان خاصاً بالله لما جاز طلبه من الحي لكونه خاصاً بالله ) هذا بنصه ما علل به أحدهم سبب الحكم على هذه الصورة بالبدعة فقط ، وجوابه من وجوه :
الأول : أن هذا كلام مضطرب أراد كاتبه إيصال معنىً إلى القارئ ولكنه أخطأ في عبارته ، لأن ظاهره أنه يجوز أن يسأل العبد ربه بأن يطلب من فلان أن يدعو الله له ، وهذا الظاهر الباطل لم يرده الكاتب ، ولكنه عبر بعبارة غير مستقيمة .
الثاني : أن طلب الدعاء من الحي هو من جنس الأسباب الحسية المعلومة التي أقدره الله عليها ، بخلاف الطلب من الميت ، فإن هذه الأسباب قد انقطعت عنه ، فطلبه في هذه الحال طلب من شخص غير قادر على الإجابة ، وهذا من الشرك .
الثالث : أن طلب الدعاء ممن يقدر عليه ، وهو الحي الحاضر القادر مرتبة ، وسؤال الميت وطلبه مرتبة أخرى ، وفرق بين الأمرين .
( الدليل الثاني )
قال بعضهم في أثناء كلامه عن مراتب التوسل : ( أن يقول للميت والغائب : ادع الله لي ، أو اسأل الله لي ، أو اشفع لي في كذا ، فهذا لا خلاف بين السلف أنه غير جائز ، وأنه من البدع التي لم يقل به أحد من علماء الأمة ، وهو من ذرائع الشرك ، فهو من الشرك الأصغر ، والفرق بينه وبين الذي قبله واضح ، إذ الأول : دعاء غير الله ، والثاني : مخاطبة الميت بما لا يرد في الكتاب والسنة ، ولكنه لم يدعه ، ولم يسأله قضاء الحاجات ، وتفريج الكربات ، فلم يصرف له العبادة ، ولكنه ذريعة للغلو ، وبدعة ضلالة كما ذكرنا ) .
قال مقيده : والجواب على ما قاله الكاتب من وجوه :
الأول : كلام الكاتب عام في كل ميت ، فلم يقيده بسؤاله بحضرة القبر أو بغير حضرة القبر ، ولا قائل بذلك من أهل السنة والتوحيد ، فإنهم متفقون على أن سؤال الميت بغير حضرة قبره من الشرك الأكبر ، حتى الذين خالفوا في الصورة التي هي محل البحث ، لم ينازعوا في سؤال الميت بغير حضرة قبره أنه شرك مخرج من الملة ، معللين ذلك بأن فيه ادعاء علم الغيب للميت وهذا كفر بالإجماع .
الثاني : أدخل الكاتب في هذه الصورة سؤال الغائب ، وهذا شرك أكبر بالاتفاق .
الثالث : جعل الكاتب طلب الشفاعة من الميت من الشرك الأصغر ، وهذا مخالف للإجماع ، فإن طلب الشفاعة على هذا النحو من جنس ما كان يفعله المشركون الأولون .
الرابع : قوله عن هذه الصورة بأنها مخاطبة للميت بما لم يرد في الكتاب والسنة وأنه لم يدعه ، يقال له : هذه المخاطبة دعاء لغة وشرعاً كما سبق بيانه ، وهي وإن لم تكن دعاء على جهة الاستقلال ، ولكنها دعاء على جهة التوسط والسببية بمعنى أنها طلب للشفاعة ، وهذا ظاهر .
الخامس : النسبة للسلف بأن هذا الفعل شرك أصغر ، نسبة غير صحيحة وتَقولٌ عليهم ، ويحتاج مدعيها إلى ما يثبتها ، وأنى له ذلك ! .
( الدليل الثالث )
يصرح بعضهم : أن سؤال الميت من بعيد فيه ادعاء علم الغيب له وهذا كفر ، وبالتالي يفهم من كلامهم : أن سؤاله بحضرة القبر ليس فيه ذلك .
والجواب :
أولاً : أن سؤال الميت سواء كان من قريب أم من بعيد ، هو حقيقة الدعاء والشفاعة الشركية.
ثانياً : أن سؤال الميت من بعيد فيه أمر زائد على مجرد دعوى الغيب له ، وهي تعلق القلب والاعتقاد في هذا الميت بأنه يشفع عند الله لمن سأله ، وهو ما يشترك فيه سؤاله من بعيد مع سؤاله بحضرة القبر ، وهذا من الشرك الأكبر.
ثالثاً : من الممكن أن يعلل سؤال الميت بحضرة قبره أيضاً بأن فيه ادعاء علم الغيب للميت !! ، ولا مانع من ذلك ، نعم هذه الدعوى ظاهرة في سؤال البعيد ، ولكنها غير ممتنعة في سؤال القريب ، فلماذا لا يقال بها ؟ .
إيراد : قد يقول قائل : السبب في ذلك أن الميت يسمع ، وقد ثبت ذلك في بعض النصوص ، فبناءً عليه ، إذا سئل من قريب كان بدعة ، وإذا سئل من بعيد كان شركاً .
والجواب :
أن الأصل في الميت أنه لا يسمع لقوله تعالى : { وما أنت بمسمع من في القبور } ، وقوله سبحانه : { إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين } ، ويستثنى من ذلك ما ثبتت به السنة ، وسماع الميت إنما ورد في مواضع مخصوصة ، ولأشياء مخصوصة فيقتصر عليها ، وليس منها سؤال الميت الدعاء ، ولو فرض جدلاً أنه يسمع مطلقاً ، فإنه لا يستطيع إجابة من سأله لأنه قد انقطع عمله ، وهذا الحكم عام في القريب والبعيد ، وإلا للزم أن يخاطب بكل ما يخاطب به الحي لأنهما قد اشتركا في السماع .
( تنبيـــه )
جعل الشيخ محمد بشير السهسواني رحمه الله قول القائل : يا فلان اشف مريضي ومقصوده الإسناد المجازي ، بمعنى كن سبباً لشفاء مريضي أي ادع الله أن يشفيه ، جعله بالنسبة لسؤال الميت عند قبره من البدع وأنه ليس بشرك(1) ،
وما قاله الشيخ غفر الله له غير صحيح ، ولا يختلف المسلمون بأن السؤال بهذه الصورة شرك أكبر ، ودعوى الإسناد المجازي في مثل هذا القول دعوى باطلة ، ولا يجوز لتخريج الكلام الذي ظاهره شرك وكفر ، وهذا مجمع عليه ، ولم يحتج بالإسناد المجازي في مثل هذه الصورة إلا قلة من المتأخرين ممن عارضوا دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله ، تخريجاً لأقوالهم الشركية(2) .
( الفصل الرابع )
( أقوال العلماء في هذه المسألة )
(1) نقل الشيخ عبدالرحمن بن حسن رحمه الله كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله من الاقتضاء (2/224) و (2/304-305) والذي سبق نقله (ص 11) ، في كتابه كشف ما ألقاه إبليس (213،131) مقراً له ، وفيه التنصيص على أن سؤال الميت بأن يدعو أو يفعل من الشرك الأكبر(3) .
(2) ونقل الشيخ عبداللطيف بن عبدالرحمن رحمه الله عن شيخ الإسلام ابن تيمية قوله في كتاب الرد على البكري أثناء كلامه عن دعاء المقبورين(4) : ( وعقلاؤهم يقولون : مقصودنا أن يسأل الله لنا ، ويشفع لنا ، ويظنون أنهم إذا سألوه بعد موته أن يسأل الله لهم ، فإنه يسأل ويشفع كما كان يسأل ويشفع لما سأله الصحابة الاستسقاء وغيره ، وكما يشفع يوم القيامة إذا سئل الشفاعة ، ولا يعلمون أن سؤال الميت والغائب غير مشروع البتة ، ولم يفعله أحد من الصحابة ، بل عدلوا عن سؤاله وطلب الدعاء منه ، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم وسائر الأنبياء والصالحين وغيرهم ، لا يطلب من أحدهم بعد موته من الأمور ما كان يطلب منه في حياته ) ؛
قال الشيخ عبداللطيف رحمه الله معلقاً : ( فانظر – رحمك الله – إلى ما ذكره هذا الإمام من أنواع الشرك الأكبر الذي وقع في زمانه ، ممن يدعي العلم والمعرفة وينتصب للفتيا والقضاء ، لكن لما نبههم الشيخ – رحمه الله تعالى – على ذلك ، وبين لهم أن هذا من الشرك الذي حرمه الله ورسوله ، تنبه من تنبه منهم وتاب إلى الله ، وعرف أن ما كان عليه شرك وضلال ، وانقاد للحق ) .
وقال رحمه الله(5) : ( وسؤال العباد والاستعانة بهم فيما لا يقدر عليه إلا الله شرك جلي ، ولو قال : يا ولي الله اشفع لي فإن نفس السؤال محرم ، وطلب الشفاعة منهم يشبه قول النصارى : يا والدة الله اشفعي لنا إلى الابن والإله ، وقد أجمع المسلمون على أن هذا شرك ، وإذا سألهم معتقداً تأثيرهم من دون الله فهو أكبر وأطم ).
(3) ويقول الشيخ عبدالله أبا بطين رحمه الله(6) : ( والحاصل أن من سوى بين الحي والميت في استقضاء الحوائج فقد ضل في عقله ودينه ، ونصوص القرآن كثيرة في إبطال هذا القول . والله سبحانه جعل أهل الدنيا فيها وخولهم ما ملكهم فيها ، ولا يتم أمرهم إلا بمعاونة بعضهم بعضاً ولم يحجر عليهم سبحانه التعاون والتناصر فيما لا يسخطه ، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه .
يوضح ذلك أن دعاء الإنسان للمسلمين واستغفاره لهم وقضاء حوائجهم وعاونتهم عليها من الأعمال الصالحة المرغب فيها ، فلو كان هذا يحصل من الميت لم يكن عمله قد انقطع ، وقد ثبت في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث : صدقة جارية أو علم ينتفع به من بعده أو ولد صالح يدعو له ) ؛ فدل على أن هذه الأشياء التي يطلبها المشركون من الأموات من قضاء حوائجهم أو الدعاء لهم ونحو ذلك ، التي هي أعمال صالحة من الحي قد استحال وجودها من الميت ، فطلبها منه طلب مستحيلٌ لعجزه حساً ، فلا يملك لنفسه ولا لغيره نفعاً ولا ضراً ولا موتاً ولا حياةً ولا نشوراً ، فهو داخل تحت قوله : { ومن أضل ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون } ) .
(4) ويقول الشيخ عبدالرحمن بن قاسم رحمه الله(7) : ( وكذلك طلب الشفاعة وغيرها من نبي أو غيره بعد موته ، كأن يقول : يا رسول اشفع لي ، أو يا ولي الله أغثني ، أو أدركني ، أو أنا في حسبك ، أو يطلب منه نفعاً ، أو دفع ضر ، أو يلجأ إليه في مهماته ، هو أصل شرك المشركين ).
وقال غفر الله له في القسم الثاني من أقسام الشرك(8) : ( شرك في الإلهية ، بأن يدعو غيره ، دعاء عبادة ، أو دعاء مسألة ، وفيه قوله : { إياك نعبد وإياك نستعين } والدعاء المتضمن شركاً ، كدعاء غيره أن يفعل ، أو دعائه أن يدعو ، ونحو ذلك ) .
( إيرادات علمية )
يرد على من قال بأن سؤال الميت بأن يدعو الله أو يسأل الله بدعة لا يصل إلى الشرك الأكبر بعض الإيرادات ، هي في الحقيقة مما يبين ضعف هذا القول ، وهي كالتالي :
أولاً : ما هو الدليل على إخراج هذه الصورة من الشرك الأكبر ؟
ثانياً :ما الفرق بين سؤال المقبور بحضرة القبر ، وبين سؤاله وهو بعيد عن القبر، وما دليل التفريق؟
ثالثاً : ما الفرق بين سؤال الحي وهو غائب ، وبين سؤال الميت بحضرة القبر ؟
رابعاً : ما هو ضابط القرب من القبر والذي يجعل السائل مبتدعاً فقط ، وبين البعد عن القبر الذي يجعل السائل مشركاً ؟
( وحينئذٍ فيقال : هذه الدعوى – وهي الطلب من الأموات ما يطلب منهم في الحياة – دعوى كبيرة غليظة ، ليست كغيرها من الدعاوى ، فيحتاج مدعيها إلى ما يثبتها من الأدلة الشرعية ، والقوانين المرضية ، والسيرة السلفية ، وأما المقاييس الفاسدة فلا تفيد هنا ، وقد قال بعض السلف : ما عبدت الشمس والقمر إلا بالمقاييس )(9).
قال مقيده : هذا ما فتح الله به في هذه المسألة ، وهو آخر البحث ، والله أعلم .
والحمد لله رب العالمين ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .



(1) صيانة الإنسان (238).
(2) يراجع هذه مفاهيمنا للشيخ صالح آل الشيخ (122-135) ، والرد على البردة للشيخ عبدالله أبا بطين (19).
(3) من اللطائف و الغرائب أن هذا النقل الذي نقله الشيخ عبدالرحمن قد اعتمده أحد القائلين بأن سؤال الميت بحضرة قبره بدعة فقط ، ناسباً ذلك إلى شيخ الإسلام أيضاً ، في إثبات أن الشيخ عبدالرحمن ممن يذهب إلى أن هذه الصورة شرك أكبر ، مع أن الكلام في الحقيقة كلام شيخ الإسلام .!!
(4) عيون الرسائل والأجوبة على المسائل (2/710).
(5) البراهين الإسلامية في رد الشبه الفارسية (116).
(6) تأسيس التقديس (89).
(7) السيف المسلول على عابد الرسول (50).
(8) المرجع السابق (63).
(9) مصباح الظلام (392).

الدروس والدورات العلمية
المـكــتـبـة المــرئـيـة
ســــلم الاعـتـقـــــاد
واحـــــة العقيــــــدة
أسمـاء الله الحسنى
مـن عـقـائـد السـلـف
العقيـــــدة والقـــرآن
العقيــــــدة والســنة
دعــــوة المرســـلين
أهـــــــل العقيـــــدة
مــــلل وفــــــــــــرق
بـحـــوث ودراســــات
ديــــوان العقيـــــــدة
فيــــض العقيـــــــدة
مصطلحـات عقــــدية
أخــــطاء عقــــــديـة
آفــــاق العقيـــــــدة
أخــــوات العقيــــدة
مــلــفـــــات دعــوية
فــلاشــــات دعــوية
 
 
البحث في نطاق الموقع
«القائمة البريدية»
 
«دخول المشرفين»
اسم المرور:
كلمة المرور:
 
 free counters
 
 جميع الحقوق محفوظة لموقع العقيدة والحياة 1432 هـ - 2011 م www.al-aqidah.com