300-208 1Z0-146 70-485 Microsoft 70-410 dumps 70-643
العقيدة والحياة
 
 
 
فهرس مكتبة المشير
 
أرشيف الدروس والدورات العلمية
 
 

 


     
دعــــوة المرســـلين  »  (فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ)

(فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ)
 * بقلم / يوسف بن إبراهيم الزين 
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه.. أمابعد:
1- أمر الله تعالى نوحاً ببناء السفينة: (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ ) [هود : 37]، وهكذا تجري سنة الله ولن تجد لسنة الله تبديلا، فلابد من جهد البشر، وربما قال قائل: وما تصنع سفينة من خشب أمام ذلك الذي وصفه الله تعالى : (وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ)؟، والجواب: أن العبد مطالب أن يبذل ما يستطيعه من الجهد ويتوكل بعد ذلك على ربه، وكم من داعية وعالم بذل لهذا الدين وقد يكون ذلك البذل قليلاً في مقاييسنا لكنه لما كان صادراً بنية صالحة صار أثره عظيماً. ومقارنة يسيرة بين ما يبذله النصارى من جهود في تنصير المسلمين مع إمكانياتهم الضخمة ( أموال - مطارات - أطباء - مستشفيات - كليات - إذاعات - قنوات فضائية)، وبين ما تبذله بعض المؤسسات الخيرية ، أو المساجد ، أو الأفراد من المسلمين لتثبيت المسلمين، أو دعوة الكافرين، تعطيك دلالة واضحة على أهمية جهد البشر، وأنه لا بد منه ولو كان قليلاً أمام جهود الآخرين.
2- من الملاحظ في القصة أن نوحاً عليه السلام اكتفى بالدعوة ، والتحذير لقومه، ولم يتوجه لأسلوب المواجهة التي فوق ذلك كالمقاتلة للقوم ونحو ذلك، وذلك راجع والله تعالى أعلم لكونه لا يملك القوة الكافية لهذا الأمر ، فالمؤمنون نعه نفر قليل، ولربما أدت المواجهات إلى فناء هذا العدد القليل ، وفي هذا دعوة للمتعجلين أن يتقوا الله في أمتهم وألا يحولوا بلاد المسلمين إلى ساحات معارك بينهم وبيت الأنظمة الحاكمة، فالمستفيد من ذلك أعداء الإسلام وجنود الشيطان.
3- مع كون نوح عليه السلام اكتفى بالدعوة لقومه والتحذير لهم من الإعراض إلا أنه أيضاً عنّفهم ووبخهم كما قال تعالى: (وَلَـكِنِّيَ أَرَاكُمْ قَوْماً تَجْهَلُونَ)، وقال: (يَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَن يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُّقِيمٌ ) [هود : 39]، ومع ذلك فإنه لم يقل إلاحقا عليه الصلاة والسلام، فهم جاهلون حقاً ، وسوف يخزيهم الله حتماً ما داموا يسخرون من نبيهم ، وهذا يخالف ما عليه بعض الناس من اللجج في الخصومة والكلام الباطل، بل والكذب، والافتراء، وربما قال بعضهم: إنني مظلوم ، فالجواب : أن الظلم الواقع عليك لا يعني أن تظلم من ظلمك، بل الواجب تحري العدل حتى عند وقوع الظلم عليك، وتأمل معي أخي القارئ هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ( .. أن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالاً يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم..)
4- لجأ نوح عليه السلام إلى الله تعالى كما كان يدعو إليه خلال مكثه الطويل بين قومه، لجأ ‘لى الله كما كان يلجأ إليه فيما سبق، لجأ إلى الله الذي أمره بالدعوة ولم يطاله بالأثر، لجأ إلى الله الذي أوحى إليه : ( وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْ آمَنَ فَلاَ تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ) [هود : 36]، لجأ إلى الله ولم يلجأ إلى المخلوقين أو يقوم بعقد اتفاقات ونحو ذلك تميع فيها قضية التوحيد، أكبر وأخطر قضية، لجأ إلى الله الذي قال عن نفسه: ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) [البقرة : 186]، وكم يحتاج الدعاة إلى الدعاء واللجوء إلى ربهم في السراء والضراء حين يظهر الحق ، أو حين ينتفش الباطل ، إنهم على كل حال محتاجون إلى الله (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ) [فاطر : 15]، ولعل إطلالة منك أخي الكريم على الأذكار التي كان يكررها نبينا محمد عليه الصلاة والسلام في صلاته أو عند نومه أو عند مواجهة أعدائه ، أو في عامة أحواله، تعطيك دلالة واضحة على أهمية التعلق بالله تعالى واللجوء إليه على كل حال.
5- كان من دعاء نوح عليه السلام: (رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ)، ( وأَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ)، (رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً إنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِراً كَفَّاراً رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَاراً). واستجاب الله تعالى لدعاء نبيه بعد ما بذله من الجهد والتضرع واللجوء إليه عز وجل (فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاء بِمَاء مُّنْهَمِرٍ وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْمَاء عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ)، إنه نصر الله تعالى حين يأتي (عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ)، فبعد ألف سنة إلا خمسين عاماً يتنزل النصر لأسباب كثيرة لكنه يأتي حين ياذن الله تعالى به ، وتتعدد صور النصر، ففي قصة نوح عليه السلام كان النصر بنجاة المؤمنين وغرق الكافرين ، وفي قصة إبراهيم عليه السلام لم يأت ذكر لعذاب الذين أرادوا حرقه، بل ذكر الله تعالى هجرة إبراهيم عليه السلام لوطنه وانتقاله إلى الشام وهذا نوع آخر من النصر وهو الثبات على المبادئ ولو أدى ذلك إلى ترك الوطن، والمتتبع لسيد الأنبياء والمرسلين محمد عليه الصلاة والسلام يجد ذلك واضحاً، فصور النصر تتعدد، والمؤدى واحد: ثبات على الحق وصبر على المحن (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِن كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُم مَّقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللّهِ فَعَلَى اللّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُواْ أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُواْ إِلَيَّ وَلاَ تُنظِرُونِ )[يونس : 71].
6- قال الله تعالى: (وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاء لِّمَن كَانَ كُفِرَ) يذكر المفسرون والمؤرخون الكثير من المسائل المتعلقة بالطوفان، وكم استمر ؟ ، وكذا السفينة طولها وعرضها، وكذا الحيوانات التي أخذها نوح عليه السلام ، وغير ذلك، ولو كان في شيئ منها فائدة واضحة لذكرت في كتاب الله، كما ذكر أن مدة مكث نوح عليه السلام يدعو قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً، وكما في الآية التي معنا (وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ) .
7- في قوله تعالى: ( تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا) وقوله: (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا)، من عناية الله بعبده نوح عليه السلام ما لايخفى، يقول الشيخ السعدي رحمه الله : "( تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا) : أي تجري بنوح ومن آمن معه، ومن حمله من أصناف المخلوقات برعاية من الله وحفظ منه لها عن الغرق، ونظر وكلاءة منه تعالى، وهو نعم الحافظ والوكيل". [ التفسير: سورة القمر].
 أخي القارئ: هذه آخر حلقة من حلقات قصة نوح صلى الله عليه وسلم شيخ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أجمعين، ولا أظن أنني تمكنت من استيفاء تلك القصة التي امتدت ألف سنة إلا خمسين عاماً، لكن حسبي أنني حاولت محاولة عبد ضعيف، فإن وفقت فمن الله تعالى وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان.
وكلام ربي لا يجيئ بمثله أحد **** ولو جمعت له الثقلان.
وإلى لقاء قادم مع قصة نبي آخر من أنبياء الله تعالى عليهم الصلاة والسلام، والحمد لله رب العالمين.
*/ مركز الدعوة والإرشاد - عنيزة
8/5/1428
 

الدروس والدورات العلمية
المـكــتـبـة المــرئـيـة
ســــلم الاعـتـقـــــاد
واحـــــة العقيــــــدة
أسمـاء الله الحسنى
مـن عـقـائـد السـلـف
العقيـــــدة والقـــرآن
العقيــــــدة والســنة
دعــــوة المرســـلين
أهـــــــل العقيـــــدة
مــــلل وفــــــــــــرق
بـحـــوث ودراســــات
ديــــوان العقيـــــــدة
فيــــض العقيـــــــدة
مصطلحـات عقــــدية
أخــــطاء عقــــــديـة
آفــــاق العقيـــــــدة
أخــــوات العقيــــدة
مــلــفـــــات دعــوية
فــلاشــــات دعــوية
 
 
البحث في نطاق الموقع
«القائمة البريدية»
 
«دخول المشرفين»
اسم المرور:
كلمة المرور:
 
 free counters
 
 جميع الحقوق محفوظة لموقع العقيدة والحياة 1432 هـ - 2011 م www.al-aqidah.com