{مَثَلُ[1] الْفَرِيقَيْنِ [2]كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً أَفَلا تَذَكَّرُونَ} [هود: 24]
قال ابن القيم رحمة الله:
قوله تعالى {مَثَلُ الْفَرِيقَيْنِ كَالأَعْمَى وَالأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ[3] هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً أَفَلا تَذَكَّرُونَ} فإنه سبحانه ذكر الكفار ووصفهم بأنهم {مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ} ثم ذكر المؤمنين ووصفهم بالإيمان والعمل الصالح والإخبات إلى ربهم فوصفهم بعبودية الظاهر والباطن وجعل أحد الفريقين كالأعمى والأصم من حيث كان قلبه أعمى عن رؤية الحق أصم عن سماعه فشبهه بمن بصره أعمى عن رؤية الأشياء وسمعه أصم عن سماع الأصوات والفريق الآخر بصير القلب سميعه كبصير العين وسميع الأذن فتضمنت الآية قياسين وتمثيلين للفريقين ثم نفى التسوية عن الفريقين بقوله {هَلْ يَسْتَوِيَانِ[4] مَثَلاً}.
[1] والمثل، بالتحريك: الحالة والصفة (التحرير والتنوير)(11/237)
[2] والفريقان هما المعهودان في الذكر في هذا الكلام، وهما فريق المشركين وفريق المؤمنين
[3] أي حالة الفريقين المشركين والمؤمنين تشبه حال الأعمى الأصم من جهة وحال البصير السميع من الجهة الأخرى، فالكلام تشبيه وليس استعارة لوجود كاف التشبيه وهو أيضا تشبيه مفرد لا مركب.
شبه حال فريق الكفار في عدم الانتفاع بالنظر في دلائل وحدانية الله الواضحة من مخلوقاته بحال الأعمى، وشبهوا في عدم الانتفاع بأدلة القرآن بحال من هو أصم.
وشبه حال فريق المؤمنين في ضد ذلك بحال من كان سليم البصر، سليم السمع فهو في هدى ويقين من مدركاته.
وفي مقابلة {الْأَعْمَى وَالْأَصَمِّ} ب {الْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ} محسن الطباق (التحرير والتنوير 11/238)
[4] قال الفراء: لم يقل يستوون، لأن الأعمى والأصم في حيّز كأنهما واحد لأنهما من وصف الكافر، والبصير والسميع في حيّز كأنهما واحد لأنهما من وصف المؤمن، أَفَلا تَذَكَّرُونَ، أي: تتعظون. (تفسير البغوي 2/444)