2- النوى: يطلق على الدار، والنية، والبُعْد.
3- الأرض: وتطلق على الأرض المعروفة، وعلى كل ما سفل، وعلى أسفل قوائم الدابة، وعلى النّفضة، والرِّعدة، وغيرها.
4- الهلال: هلال السماء، وهلال الصيد، وهلال النعل وهو الذؤابة، والهلال: الحية إذا سلخت، والهلال: باقي الماء في الحوض، والهلال: الجمل الذي أكثر الضِّراب حتى هزل.
5- العين: وتطلق على معان كثيرة جداً، تكاد تكون أكثر ما في هذا الباب؛ فتطلق على: النقد من الدراهم والدنانير، وعلى مطر أيام لا يقلع يقال: أصاب أرض بني فلان عين، وعلى عين الماء، وعين الركبة، والعين التي تصيب الإنسان، وعلى فم القربة، وعلى عين الشمس، وعلى الجاسوس، وعلى الباصرة.
6- الخال: يطلق على أخ الأم، والمكان الخالي، والعصر الماضي، والدابة، والخيلاء، والشامة في الوجه، والسحاب، والظن، والتوهم، والرجل المتكبر، والرجل الجواد.
رابعاً: لطائف من المشترك: هناك أبيات من الشعر تضمنت ألفاظاً من المشترك.
قال السيوطي: (قال أبو الطيب اللغوي: أخبرني محمد بن يحيى، قال: أنشدني أبو الفضل جعفر بن سليمان النوفلي عن الحِرْمازي للخليل ثلاثة أبيات على قافية واحدة يستوي لفظها، ويختلف معناها:
يا ويحَ قلبي من دواعي الهوى *** إذ رَحل الجيرانُ عند الغُروبْ
أتبعتُهم طَرْفي وقد أزمعوا *** ودمعُ عينيَّ كفيض الغُروبْ
كانوا وفيهم طَفْلَةٌ حرَّة *** تفترُّ عن مثل أقاحي الغُروبْ
فالغروب الأول غروب الشمس، والثاني جمع غَرْب: وهو الدَّلْو العظيمة المملوءة، والثالث جمع غرب: وهي الوِهَاد المنخفضة.
وأنشد سلامة الأنباري في شرح المقامات:
لقد رأيت هذرياً جَلْسا *** يقود من بطن قديد جَلْسا
ثم رقى من بعد ذاك جَلْسا *** يشرب فيه لبناً وجَلْسا
مع رفقةٍ لا يشربون جَلْسا *** ولا يؤمُّون لِهَمٍّ جَلْسا
جَلْس الأول: رجل طويل، والثاني: جبل عالٍ، والثالث: جبل، والرابع: عسل، والخامس: خمر، والسادس: نجد)[10].
ومن لطائف المشترك أنه داخل عند البلاغيين في علم البديع في باب الجناس التام، كما في الأبيات السابقة، وهو داخل - كذلك - في باب التورية.
خامساً: العلاقة بين المشترك والمتواطئ والمشكك: مر الحديث عن المشترك، وأنه ما اتحد لفظه، واختلف معناه.
والمشترك يوافق المتواطئ في شقه الأول من جهة كونه لفظاً واحداً يطلق على معان، ويخالف في شقه الثاني وهو كون هذه المعاني مرتبطة بمعنى عام.
ولمزيد من إيضاح العلاقة والفرق بين المشترك والمتواطئ هذا عرض يسير لتعريف المتواطئ، وبيان الفرق الدقيق بينه وبين المشترك.
فالاسم المتواطئ يُعرف بأنه: هو الاسم الواحد الذي يقال من أول ما وضع له على أشياء كثيرة، ويدل على معنى واحد يعمها[11].
ويعرفه الجرجاني بقوله: (المتواطئ: هو الكلي الذي يكون حصول معناه، وصدقه على أفراده الذهنية والخارجية على السوية كالإنسان والشمس؛ فإن الإنسان له أفراد في الخارج، وصدقه عليها بالسوية، والشمس لها أفراد في الذهن وصدقه عليها - أيضاً - بالسوية)[12].
ويقول ابن تيمية -رحمه الله- معرفاً بهذا القسم من الألفاظ: (الأسماء المتواطئة: وهي جمهور الأسماء الموجودة في اللغات، وهي أسماء الأجناس اللغوية، وهي الاسم المطلق على الشيء وما أشبهه سواء كان اسم عين، أو اسم صفة جامداً أو مشتقاً...
كلها أسماء متواطئة، وأعيان مسمياتها في الخارج متميزة)[13].
ويقول: (الأسماء المتفقة في اللفظ... قد يكون معناها متفقاً وهي المتواطئة)[14].
وقال في محاورته لابن المرحل[15] - رحمهما الله - عندما بين جواز إطلاق لفظ (المتواطئ) و (المشترك) على اللفظ الواحد، ولكن من جهتين مختلفتين، فتساءل ابن المرحل كيف يكون هذا؟
فأجابه ابن تيمية بقوله: (المعاني الدقيقة تحتاج إلى إصغاء واستماع وتدبر؛ وذلك أن الماهيتين إذا كان بينهما قدر مشترك، وقدر مميز، واللفظ يطلق على كل منهما - فقد يطلق عليهما باعتبار ما به تمتاز كلُّ ماهيةٍ عن الأخرى؛ فيكون مشتركاً كالاشتراك اللفظي، وقد يكون مطلقاً باعتبار القدر المشترك بين الماهيتين؛ فيكون لفظاً متواطئاً.
مثال ذلك (اسم الجنس) إذا غلب في العرف على بعض أنواعه كلفظ (الدابة) إذا غلب على (الفرس) قد نطلقه على الفرس باعتبار القدر المشترك بينها وبين سائر الدواب، فيكون متواطئاً، وقد نطلقه باعتبار خصوصية الفرس؛ فيكون مشتركاً بين خصوصية الفرس وعموم سائر الدواب، ويصير استعماله في الفرس تارة بطريق التواطؤ، وتارة بطريق الاشتراك)[16].
ولعل التمييز بين المتواطئ والمشترك قد لاح، وهو أن الأسماء المتواطئة تشترك في اللفظ والمعنى.
أما المشتركة فإنها متفقة اللفظ مختلفة المعنى، وهذا ما يؤكده ابن تيمية بقوله: (الأسماء المتفقة اللفظ قد يكون معناها متفقاً وهي المتواطئة، وقد يكون معناها متبايناً وهي المشتركة اشتراكاً لفظياً كلفظ سهيل المقول على الكوكب، وعلى الرجل)[17].
ولزيادة الإيضاح ولأجل أن يُميز بين المشترك والمتواطئ فهذان مثالان على ذلك، الأول: العين تطلق على عدة معان مختلفة، فهذا مثال للمشترك، وقد مرت أمثلة عديدة من ذلك.
والمثال الثاني: لفظ (الوجود) فهو يطلق على وجود الخالق وعلى وجود المخلوق، فمعنى الوجود - بمفهومه العام - واحد وهو ضد العدم، ولكنه يختلف من جهة إضافته فهذا مثال للمتواطئ.
وبناءاً على ذلك يمكن أن يقال: إن المشترك ما اتحد لفظه واختلف معناه، والمتواطئ هو ما اتحد لفظه ومعناه، ولكنه يختلف باختلاف السياق والإضافة.
ثم إن من أنواع المتواطئ المشكك، أو ما يعرف بالمتواطئ المشكك؛ فهو نوع من المتواطئ العام الذي يراعى فيه دلالة اللفظ على القدر المشترك سواء كان المعنى متفاضلاً في موارده أو متماثلاً [18].
فإن كان المعنى متساوياً في الجميع فهو المتواطئ المطلق، مثل لفظ الإنسان والرَّجل يدلان على زيد وعمرو.
وإن كان المعنى متفاوتاً متفاضلاً فهو المتواطئ المشكك كالنور: للشمس والسراج.
وقد يدخل فيه لفظ الوجود؛ فإنه في الخالق أولى، وأعظم منه في المخلوق.
قال الجرجاني -رحمه الله- في تعريف المشكك: (هو الكلي الذي لم يتساوَ صدقه على جميع أفراده، بل كان حصوله في بعضها أولى، أو أقدم، أو أشد من البعض الآخر كالوجود؛ فإنه في الواجب أولى وأقدم وأشد في الممكن) [19].
ولعل سبب تسميته مشككاً أن الناظر فيه يشك في المراد منه.
مثال ذلك: اسم (الحي) فمن نظر إلى أصل الحياة قال: إنه نوع من المتواطئ؛ إذ الحياة ضد الممات في الأصل.
ومن نظر إلى الاختلاف والتباين في حياة المخلوق والخالق قال: إنه من المشترك، ومن هنا سمي مشككاً.
ولهذا يحسن أن يقال عن المشكك: إنه ما اتفق في أصله، واختلف في وصفه.
[1]- التعريفات ص215.
[2]- الصاحبي ص59.
[3]- مجموع الفتاوى 20/227 ولو قال على معنيين أو أكثر لكان أولى.
[4]- المزهر 1/369.
[5]- مجموع الفتاوى 20/227.
[6]- مجموع الفتاوى 20/234.
[7]- المزهر 1/369-370، وانظر الصاحبي ص59-60، وفقه اللغة د. علي عبدالواحد وافي ص145-148.
[8]- انظر الدراسات اللغوية والنحوية في مؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية ص169.
[9]- اانظر المزهر 1/370-386، وانظر معجم الألفاظ المشتركة في اللغة العربية لعبدالحليم محمد قنبس.
[10]- المزهر 1/376-377.
[11]- البحث الصوتي والدلالي عند الفيلسوف الفارابي، لرجاء الرفاعي رسالة ماجستير على الآلة الكاتبة ص184، وانظر الدراسات اللغوية ص165.
[12]- التعريفات ص199.
[13]- انظر مجموع الفتاوى 3/123-129.
[14]- مجموع الفتاوى 20/234.
[15]- من كبار فقهاء الشافعية ت738.
[16]- مجموع الفتاوى 11/83.
[17]- مجموع الفتاوى 20/234، وانظر الدراسات اللغوية والنحوية 165-167 ففيها تفصيل جيد.
[18]- انظر التدمرية ص130.
[19]- التعريفات للجرجاني ص216.