300-208 1Z0-146 70-485 Microsoft 70-410 dumps 70-643
العقيدة والحياة
 
 
 
فهرس مكتبة المشير
 
أرشيف الدروس والدورات العلمية
 
 

 


     
المقــــــــــــــــــالات  »  الغزو الثقافي

الغزو الثقافي

بقلم / أ. د. مصطفى حلمي

 
     الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.
 
     كان من أوليات مهام علماء الإسلام في العصر الحديث هو التصدي للغزو الثقافي، إذ أن الغرب بعد انسحابه العسكري عن بلاد المسلمين الذين قدّموا الشهداء تلو الشهداء في سبيل الحرية والاستقلال، استطاع (أن يثبّت ركائزه وحرابه المسمومة في جسم الأمة الإسلامية عن طريق ما نعرفه من مؤامرات الغزو الفكري الثقافي للإسلام وأقطاره، وهذه هي أخطر مشكلة يواجهها الإسلام المعاصر) ([1]).   
 
     ولم يقتصر الغزو الفكري ـ كما يرى أستاذنا محمد علي أبو ريان ـ على العلم والتربية والثقافة والفن فحسب، بل حمل معه تيارات مسمومة من التبشير المسيحي وموجات عارمة من الإلحاد والدعوة إلى معارضة الأديان والعلمانية، فضلًا عن تسريب حثالة فكره الهابط، مع حرمانه العالم الإسلامي للأسس الهامة لحضارة الغرب العلمية) ([2]).
 
     وقد غرس الغزو الثقافي أنيابه في جسد الأمة الإسلامية بواسطة تلاميذ الغرب المتخرجين من مدارس الاستعمار، أو التي يصنع مناهجها المستعمرون.
 
      ومنهم الحكام والوزراء وأصحاب السلطة والنفوذ الذين يعملون (في أجهزة الحكم والإدارة) ... و قد يرجع الكثير مما نشعر به اليوم من بلبلة فكرية واغتراب ثقافي ودمار اقتصادي وتخلف سياسي وعدم الاتفاق على كلمة واحدة بين العرب خاصة والمسلمين بصفة عامة إلى هذا الانتماء البغيض إلى مدارس الاستعمار وأسلوبه وثقافته، فلا يستطيع جمهرة الحكام من أصحاب السلطة أن يتخلوا مثلًا عن التعايش مع الصهاينة ورجال الغدر في فلسطين، وأصبح الشغل الشاغل لهذه القيادات المهزوزة في الغالبية العظمى من البلاد الإسلامية حرق البخور للحكام ولأمريكا أو الاتحاد السوفيتي ـ قبل انهياره ـ والتمرغ على عتباتهم وانتظار فائض حسناتهم واصطناع ديماجوجية دعائية حولهم خالية من المضمون) ([3]).
 
      ويشكل أولئك جميعًا تكتلًا قويًّا معارضًا لمشروع النهضة الإسلامي منذ سقوط الخلافة العثمانية عام 1924م، وأحدثوا خلخلة في الأمة بين قومبيين وشيوعيين وعلمانيين وملاحدة وعملاء للغرب، وهم في مجموعهم يتعاونون على إجهاض أي حركة إسلامية تحت شعارات رفض الحكومات الدينية  أو الادِّعاء بقصور الشريعة الإسلامية عن مواكبة العصر والتحذير من تطبيقها إذ ستؤدي بنا إلى العصور الوسطى،  متأثرين بمزاعم المستشرقين من اليهود والنصارى بحملاتهم العدائية ضد التراث الإسلامي .
 
     ويختلف المفهوم الشامل للثقافة الإسلامية عن مفهومها في حضارة الغرب اختلافًا جذريًا والنموذج الذي سنسوقه ليس من عندنا، ولكن من بنات أفكار الدكتور بيكتهول، فقد أجرى (مقارنة طريفة رائعة موضوعية بين المفهوم الإنساني للثقافة ومفهوم الغرب لها، فيروي ملخص مناقشة جرت في الصحف البريطانية منذ بضع سنين، وكان موضوع المناقشة كما يلي:
 
     لنفرض أن تمثالًا يونانيًّا على جانب عظيم من الجمال لا مثيل له ولا يمكن أن يُعوَّض موضوع في غرفة واحدة مع طفل حي، ولنفرض أن النار اندلعت في الغرفة ولم يكن بالإمكان إلّا إنقاذ واحد منهما، فأيهما يجب أن نُنْقذ ؟! .
 
     وأكمل الدكتور بيكتهول القصة، فروى أن كثيرين من المراسلين ومن رجال الفكر والمناصب الرفيعة اختاروا إنقاذ التمثال وموت الطفل بحجّة أن ملايين الأطفال يولدون كل يوم بينما تلك الرائعة الفنية القديمة لا تُعوَّض !
 
     وعلَّق في النهاية على هذا الرأي بقوله: (ولعمري إن هذا الرأي لم يكن بوسع أي مسلم أن يبديه فهو آخر شكل من أشكال عبادة الأوثان المهذَّبة) ([4]).
 
     ويرى لاتوش ـ مؤلف كتاب (تغريب العالم) ـ أن أروع ما حققه الاستعمار هو (مهزلة) تصفية الاستعمار، لقد انتقل البيض إلى الكواليس، لكنهم لا يزالون مخرجي العرض المسرحي  ([5]).
 
     كانت أكبر خدعة في رأيي إدخال الفكر في القلوب بأن الاستعمار قد ولى لأن الواقع بأنه بانتهاء الاستعمار العسكري حل محله استعمار أشد وطأة وهو الاستعمار الثقافي والسيطرة على العقول والأفئدة وتغريب الشعوب الإسلامية ونزعها من أصالتها وهويتها .
 
      ويضيف أن الاستعمار العسكري لم يرحل إلا بعد أن مكن لاستعمار آخر أكثر إجرامًا وأشد وحشية وهو الاستعمار الاستيطاني استعمار إسرائيل لفلسطين وهي بمثابة غرس خنجر في خصر الأمة الإسلامية .
 
     ومن قبيل التلاعب بالعقول إيهام الشعوب بأنها تحرّرت وأصبح زمام الأمور بيدها بينما الاستعمار يبقى من وراء الستار يحرك عملاءه لضمان استمرار تحقيق مصالحه التي تتعارض مع مصالح الشعوب .
 ـــــــــــــــــــــــــ
[1] د/ محمد علي أبو ريان (الإسلام في مواجهة تيارات الفكر الغربي المعاصر) ص 52 دار المعرفة الجامعية ـ سوتر ـ الإسكندرية 1995م .
[2]) ) نفسه 25 .
[3]) ) نفسه 25- 26 .ويضرب أستاذنا ـ رحمه الله تعالى ـ مثالًا على الاغتراب الثقافي واتخاذ الدين لهوًا وعبثًا، بما حدث في تونس أيام بورقيبة من إباحة الفطر في رمضان لزيادة الإنتاج، وهي جرأة على العبث بموازين الدين وجهل بأركانه وأصوله (ص 33) .
[4]) ) د/ مصطفى الشكعة (معالم الحضارة الإسلامية) ص 37- 38 دار العلم للملايين ـ بيروت ـ نوفمبر 1978م.
[5]) ) سيرج لاتوش (تغريب العالم) تعريب خليل كلفت ط. دار العالم الثالث 1992م.

الدروس والدورات العلمية
المـكــتـبـة المــرئـيـة
ســــلم الاعـتـقـــــاد
واحـــــة العقيــــــدة
أسمـاء الله الحسنى
مـن عـقـائـد السـلـف
العقيـــــدة والقـــرآن
العقيــــــدة والســنة
دعــــوة المرســـلين
أهـــــــل العقيـــــدة
مــــلل وفــــــــــــرق
بـحـــوث ودراســــات
ديــــوان العقيـــــــدة
فيــــض العقيـــــــدة
مصطلحـات عقــــدية
أخــــطاء عقــــــديـة
آفــــاق العقيـــــــدة
أخــــوات العقيــــدة
مــلــفـــــات دعــوية
فــلاشــــات دعــوية
 
 
البحث في نطاق الموقع
«القائمة البريدية»
 
«دخول المشرفين»
اسم المرور:
كلمة المرور:
 
 free counters
 
 جميع الحقوق محفوظة لموقع العقيدة والحياة 1432 هـ - 2011 م www.al-aqidah.com